«أتيت، وفي وجهي شظايا مراحلي» — البردوني في شطرٍ مكون من خمسة كلمات يتجلى تاريخٌ عريض حافل بالألم الذي لا يُخفى على أحد، وأيامٍ طوال بين طياتها وجعٌ لا يكف؛ أيامٌ ولت وانقضت ولم يزل أثرها، بيِّنًا على قسماتِ وجهك وإن ادعيت خلاف ذلك، وسمٌ لا يترك مجالاً للنسيان.
إذا بسطَ الزمانُ عليكَ حُزنًا وشحَ القلبُ من قَطْرٍ وماءِ فلا تحني لذاكَ الحُزنِ رأسًا وناطح كلَّ نَجمٍ في السَّماءِ ومُدَّ يديكَ للرحمن دومًا ليُجري السُعدَ في مجرى الدِّماءِ♥️.
إِني أُطيلُ حديثنا إذ يبْتدِي وأنا بِطَبعي لا أطيلُ كلامِي خيرُ الكلام أقلُّه في مذهَبي إلا حديثُكَ ملجَئي وسَلامِي
لأن هل ينفعُ المفجوعَ حبسُ دموعهِ وباطنُ ما يُخفيهِ يُبديهِ ظاهِرُه - الجواهريّ
وما قصّرتُ في وصلٍ و لكن يـموتُ الودُّ مِن طولِ الجفاءِ
يُهَندمني حديثكِ حدِّثيني ولو كانَ الحديثُ بغير معنى أحسُّ بهِ على أطرافِ قلبي حَمَامَاتٍ، وفي أذنيّ مغنى يُطَوِّقُ صوتُكِ الذهبيُّ صمتي كما لو أننا بالفعلِ كنّا فتحتدُّ القصائدُ في عيوني وتسقطُ دمعةُ الأشعار وزنا أحبّكِ لا أحبّكِ لستُ أدري وبينهما.. أموتُ أموتُ ظنّا.
أكان كثيرًا على الغُصن طعمُ الثمرْ ؟ أكان كثيرًا على الارضِ ظل الشجر ؟ أكان كثيرًا على الحُلم عطرُ السواقي وضوءُ الزهورِ ولحنُ القمر ؟
يقول المتنبي: «وفي النفسِ حاجاتٌ وفيكَ فطانةٌ سكوتي بيانٌ عندها وخطابُ.»
رمى بالعَصا جيشَ العَدُو وصيةً لمَن عِنده غَيرُ العِصيِّ وما رمَى رمَى بالعَصا لم يَبقَ في اليدِ غيرُها ومَن في يديهِ العَسكرُ المَجْر أحجَمَا غدا مَضرِبَ الأمثالِ منذُ رمَى بها لكلِّ فتًى يحمِي سِواهُ وما احتمَى
كَمْ بَاسِمٍ وَ الحُزنُ يَمْلَأُ قلبهُ وَ النَّاس تَحسبُ أنَّهُ مَسرورُ وَ تَرَاهُ في جَبْرِ الخَوَاطرِ سَاعيًا وَ فؤادُهُ مُتصَدِّعٌ مَكسورٌ.🔻
غَنينا بِنَا عَن كُلِّ مَن لَا يُريدُنا وَ إنْ كَثُرَتْ أوصافُهُ وَ نُعُوتُهُ فمَن جَاءَنَا يَا مَرحبًا بِمِجِيئِهِ وَ مَن فَاتَنَا يَكْفِيهِ أنَّا نَفُوتُهُ.🔻
تَعَالَي تَرَي رُوحًا لَدَيَّ ضَعِيفَةً تَرَدَّدُ فِي جِسْمٍ يُعَذَّبُ بَالِي. - أبو فراس الحمداني
يفتتح محمد عبد الباري أحد دواوينه بهذا الإهداء : إليك أنت أيها القارئ : افتتانًا بك، إذ ينهار العالم وأنت تبحث عن قصيدة.
بِقَلبِي غَزَالٌ يَفُوقُ البَشَر مَلِيحُ الثَّنَايَا بَدِيعُ النَّظَر أشَاهِدُ فِيهِ الهُدَى وَالضَّلاَل بِصُبحِ الجَبِينِ وَلَيلِ الشَّعَر وكَالماءِ فِي رِقَّةٍ جِسمُهُ فَمَا بَالُهُ قَلبُهُ كَالحَجَر؟
⌛️ إلهي كم دعوتُكَ يا حبيبي دعاءً فيهِ قد سُكِبت دموعي وحلَّقَ راجياً صفحاً جميلًا وقلبي راجفٌ بينَ الضّلوعِ رفعتُ يديَّ أشكو مُرَّ همٍّ تحصِّنهُ كروبٌ كالدُّروعِ فمُدَّ برحمةٍ للفرْحِ جسراً بهِ أنجو مِن الحصنِ المنيعِ فأَلقَىٰ بعدَ عسرٍ خيرَ يسرٍ أجُابُ بهِ مِنَ الله السّميعِ
لا تأمَنَنّ مِن الزمانِ تَقلُّبًا إنّ الزمانَ بأهلِه يتقلّبُ -الأندلسي
يا مَن تُريدون الجزاءَ جِنانا صلُّوا على مَن بالرَّشادِ أتانا صلُّوا عليه وأكثروا مِن ذِكرهِ بل ذكِّروا الأحبابَ والإخوانا..🤍
برِّد حشايَ إن استطعتَ بلفظة المتنبي -على علوِّ مطامحه وارتفاعها- يدرك أنّ الكلمة أثمنُ ما يُبتغى، وأعزُّ ما يُنشد، وأنه لا شيء أقدر على إطفاء حرقة القلب ولوعة الحزن سواها
ولا تمشِ فوق الأرض إلّا تواضعاً فكم تحتـها قومٌ هـم منك أرفــعُ فإن كنت في عزّ وخير ومنعةٍ فكم مات من قوم هم منك أمنعُ
أراد محمود سامي البارودي مُداعبة إمام العبد الشاعر المصري وكان العبد أسود اللون فقال له: ما قولك يا إمام بقصيدة المتنبي التي مطلعها : عِيد بأيَّةِ حَـالٍ عُدَّت يا عِيدُ فيمَا مَضَى أم لأمْرٍ فِيه تَجدِيدُ وهو يريد الإشارة إلى قول المتنبي : لا تَشتَرِ العَبْدَ إلا والعَصَا مَعهُ إنَّ العَبيدَ لأنجَاسٌ مَنَـاكِيدُ ففطن العبد إلى ما يرمي إليه صديقه محمود سامي البارودي فأجاب على الفور: لا شك أنها قصيدة جيدة جدًا وخصوصًا قوله فيها : ما كُنتُ أحْسَبني أبْقَى إلى زَمَنٍ يُسيءُ لي فيه كَلبٌ وهْو محمودُ.