حالات عام

قال ابن القيم في بيان تقديم المغضوب عليهم (اليهود) قبل الضالين (النصارى) في سورة الفاتحة لعدة أوجه: أولاها: أنهم متقدمون عليهم بالزمان وثانيها: أن اليهود جيران رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، والنصارى ديارهم نائية، ولذا تجد خطاب القرآن لليهود أكثر من خطاب النصارى. وثالثها: أن اليهود أغلظ كفرا من النصارى. [بدائع الفوائد 2/33] بتصرف.

كلما أكثر العبد من الإنفاق والصدقة دل ذلك على حسن ظنه بربه.. فقد وعده سبحانه بالخلف، فقال تعالى: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه).

إلى من نامت قريرة العين برضا الله وقدره.. متوسدة عاصفة هوجاء.. تتخطفها الأسنة وتنالها الرماح.. ما عرف الحزن إلى قلبها مدخلا.. وما استقرت الدمعة في عينها زمنا.. أبشري وأملي (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته).

لو كان المرض المعدي قريبا من دارك لارتحلت، ولو كان المرض في مدرسة ابنك لأخرجته منها.. ذلك مثل رفيق السوء.. اسع في إبعاد ابنك وابنتك عنه حتى لو انتقلت من دارك وأبدلت مدرسة أبنائك، فالعدوى سريعة الوصول شديدة التأثير.

من تتبع أماكن وفيات الصحابة والتابعين وتباعدها في أرجاء المعمورة، عرف كيف قام هذا الدين، وكم بذل فيه حتى وصل إلى تلك المناطق البعيدة، وصل معهم سيرا على الأقدام أو على الدواب - رضي الله عنهم أجمعين -.

قال ناصحا: لا تنظر إلى الناس بعينك القديمة، انظر بعين اليوم: تجد هذا معلما وآخر مهندسا وذاك ناجحا، وأنت لا تزال تتمسك بالمثل القديم: من عرفك صغيرا حقرك كبيرا وأغلب حديثك فيه ازدراء وحسد، طهر قلبك من أدواء القلوب، واعلم أن فضل الله يؤتيه من يشاء.

الرجل الحصيف إذا جلس بين زوجته وأبنائه تبسط معهم وأظهر لهم الود، وشاورهم وأخذ يحدثهم ببعض الأمور التي تجري له زيادة في خبراتهم وإضفاء لجو الأنس والبهجة. وهذا من أسباب كسب القلوب ورعايتها والمحافظة عليها.. كم فقدنا من ابن بسبب الإهمال، وكم تزوجت من ابنة ما همسنا في أذنها بكلمة طيبة.

إذا النساء جعلن قلائد من ذهب وفضة والماس.. دونك قلادة الدعوة.. فالحجاب دعوة صامتة إلى هذا الدين بالالتزام بالأوامر، فكم من امرأة أسلمت عندما رأت تمسك المسلمة بالحجاب، وتساءلت: ما هو هذا الحجاب؟ وتتبعت حتى هداها الله عز وجل. وكم من امرأة كافرة سألت وهي ترى التفاوت في أنواع الحجاب: هل هؤلاء مسلمات؟ تلك شعرها يراه الغادي والرائح، والأخرى وجهها مكشوف، والثالثة النحر باد، والرابعة لا يرى منها شيء؟ فلها الحق أن تتساءل أليس كلهن مسلمات؟!

قال سفيان الثوري: رأيت رجلا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول: اللهم سلم، فقلت له: ما شأنك؟ ومم تطلب السلامة؟ فقال لي: يا أخي.. كنا أربعة إخوة تنصر أحدنا، وتهود الآخر، وتمجس الثالث، وبقيت أنا خائفا من الله تعالى، وراغبا في السلامة.

لا يزال الرجل بخير ما دام يفكر في الخير، ويبحث عنه، ويتلمس أبوابه، ولا خير فيمن يسدي الخير للغير وينسى أقرب الناس منه وأحق الخلق به، كشجرة القرع تنبت في أرض وتثمر في أخرى!

الجود بالخلق والبشر والبسطة، فوق الجود بالصبر والاحتمال والعفو، وهو الذي بلغ بصاحبه درجة الصائم القائم وهو أثقل ما يوضع في الميزان. [ابن القيم].

عن سفيان بن دينار: قال: قلت لأبي بشر: أخبرني عن أعمال من كان قبلنا؟ قال: كانوا يعملون يسيرا ويؤجرون كثيرا، قال: قلت: ولم ذاك؟ قال: لسلامة صدورهم.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: وغالب من يتعرض للمحن والابتلاء ليرتفع بها؛ ينخفض بها لعدم ثباته في المحن بخلاف من ابتلاه الحق ابتداء. [الاستقامة 2/56]. وقال أيضا: إذا تعرض العبد بنفسه إلى البلاء وكله الله إلى نفسه. [10/577].

قبل أن تبغض إنسانا أو تعاديه أو تغتابه انظر إلى حسناته وإيجابياته. تجد أن أخطاءه تضيع في بحر حسناته، وبهذا تخرج وأنت سليم الصدر له، ناصحا لما أخطأ حسب الآداب المرعية والطرق الشرعية.

قسم الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - كل ما يملك نصفين ثم وزعه في سبيل الله، وقيل إنه قاسم ربه ثلاث مرات حتى النعل والنعل..

مر وهب بمبتلى أعمى مجزوم، مقعد عريان، به وضح، وهو يقول: الحمد لله على نعمه، فقال رجل كان مع وهب: أي شيء بقي عليك من النعمة تحمد الله عليها؟ فقال له المبتلى: ارم ببصرك إلى أهل المدينة، فانظر إلى كثرة أهلها، أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحد يعرفه غيري؟! [عدة الصابرين 181]. أي أن الله - جل وعلا - خصه بالبلاء ليمحصه ويطهره. قال أبو الدرداء: من يتفقد يفقد، ومن لا يعد الصبر لفواجع الأمور يعجز. [حلية الأولياء 1/181].

قيل لرجل من الفقهاء: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب)، فقال الفقيه: والله، إنه ليجعل لنا من المخرج، وما بلغنا من التقوى ما هو أهله، وإنه ليرزقنا وما اتقيناه، وإنا لنرجو الثالثة: (ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا).

سطر الربيع بن خيثم موقفا عظيما في حياته فهاهو بعدما سقط شقه يهادى بين رجلين إلى مسجد قومه، وكان أصحابه يقولون: يا أبا يزيد لقد رخص لك، لو صليت في بيتك، فيقول: إنه كما تقولون، ولكني سمعته ينادي: حي على الفلاح، فمن سمعه منكم ينادي حي على الفلاح فليجبه ولو زحفا، ولو حبوا [حلية الأولياء2/113]

لا يزال الإنسان يتفيأ نعم الله عليه نعمة إثر نعمة فإذا زالت إحداهن علم عظمها وتذكر فضلها وأحس بفقدها (وقليل من عبادي الشكور).

روي أن ميمون بن مهران قال للحسن: إني قد أنست من قلبي غلظة، فاستلن لي منه. فقرأ الحسن: (أفرأيت إن متعناهم سنين * ثم جاءهم ما كانوا يوعدون * ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون) فتأثر ميمون بذلك كثيرا. فقال له ابنه بعدما خرجا من عنده: كنت أحسب أن الحسن أكبر من هذا، فقال: لقد قرأ آية لو تفهمتها بقلبك لألفيت لها فيه كلوما. [رواه القشيري: تاريخ الرقة 38].

تم النسخ

احصل عليه من Google Play