كان هناك رجل فقير يعيش على أطراف قرية صغيرة، يعمل نهارًا في جمع الحطب وليلًا ينام على أمل يومٍ أفضل. لم يكن يملك إلا كوخًا طينيًا متهالكًا، وزوجة صابرة، وطفلين ينامان أحيانًا على الجوع… ومع ذلك، لم يسمعه أحد يشكو. كان يقول دائمًا: إن ضاق الرزق اليوم، فغدًا عند الله أوسع. في أحد الأيام القائظة، وبينما كان عائدًا من عمله، رأى رجلًا غريبًا يجلس تحت شجرة، يبدو عليه التعب والجوع. توقّف الفقير، رغم أن كيسه لم يكن فيه إلا رغيفان يابسَين، هما عشاء أطفاله. تردّد لحظة… ثم مدّ يده بالرغيفين وقال: تفضل… الغريب أولى. أكل الرجل، ودعا له دعوة صادقة من قلب موجوع، ثم مضى دون أن يعرّف بنفسه. عاد الفقير إلى كوخه، فوجد زوجته قد أعدّت قدرًا صغيرًا من العدس، بالكاد يكفي طفلًا واحدًا. جلسوا جميعًا، وقسموه بينهم، وضحك الأطفال وكأنهم أكلوا أشهى الطعام. مرت الأيام، وضاق الحال أكثر. وفي ليلة شديدة الظلام، مرض أحد الطفلين، ولم يكن مع الأب ثمن الدواء. رفع يديه إلى السماء وبكى لأول مرة، لكنه قال: يا رب، أنت تعلم أني لم أُمسك رزقًا عن أحد… فلا تمسك رحمتك عني. وفي الصباح، طرق بابه رجلان من أهل القرية، يطلبان منه أن يدلّهما على أرض مهجورة ليزرعاها. وافق مقابل أجر بسيط، وأخذ يعمل معهما. وبينما كانوا يحفرون، اصطدمت المعاول بجرّة قديمة مدفونة في الأرض. فتحوها… فإذا فيها عملات قديمة من الذهب! وقف الرجل مذهولًا، فالتفت إليه أحد الرجلين وقال: الجرّة لك… أنت دللتنا على الأرض. بكى الفقير، وسجد لله شكرًا، وهو يردد: والله ما خاب من أعطى، ولا خسر من توكّل. بعد أشهر، أصبح له بيت واسع، وعمل ثابت، ودواء لطفله. وذات يوم، دخل عليه رجل أنيق، فلما رآه الفقير عرفه فورًا… إنه نفس الغريب الذي أعطاه الرغيفين تحت الشجرة! ابتسم الغريب وقال: كنت أختبر القلوب، لا الجيوب… ووجدت قلبك غنيًا قبل أن يغنيك الله. 🌿 العبرة من يعطي وهو محتاج، يعطيه الله وهو لا يحتسب. ومن توكّل بصدق، جاءه الرزق من طريق لم يخطر له على بال. ﴿ إن الله لا يضيع أجر المحسنين } 🪻 🌷🌷