مِن فَرطِ مُخَيِّلَتِه تَغدو حتّى الشَّوارِعُ كُتُبًا في عَينَيه، والنّاسُ مُفرَداتٍ لا يَقرؤُها إلّا هو، فَكُلُّ لافتةٍ تُعلِنُ عن حِكايةٍ، وكُلُّ ظِلٍّ يَمُرّ يَترُكُ أَثَرَ جُملةٍ ناقصةٍ تَبحَثُ عن تَتِمّةٍ. الأرصفةُ صَفَحاتٌ بيضاءُ خَطَّت عليها أقدامُ المارّةِ سُطورًا لم يَكتَمِل معناها بعد، والنوافذُ فَواصِلُ بين فصلٍ وآخر من رِوايةٍ سرمديّةٍ. لا يَكتفي بقراءةِ ظاهرِ النصّ، بل يَتَوَغَّلُ في البياضِ بين الكلماتِ، في الفراغاتِ التي لا يَنتبِهُ لها أحد، فيُحيلُ الصَّمتَ لُغةً، والغيابَ حضورًا؛ كأنَّ العالَمَ كلَّهُ مَسودّةٌ مفتوحةٌ، لا تُصاغُ نهايتُها إلّا بمِدادِ عَينَيه.
تم النسخ