حُسن الظن لا يغيّر الناس، لكنه يُغيّرك أنت. يجعل روحك أخفّ، وعقلك أهدأ، ويمنحك وقتًا لتعيش، بدل أن تُرهق نفسك في محاكمات سرّية لا تنتهي. في زمنٍ يزداد فيه الشك كأنّه عدوى، يختار صاحب حُسن الظن أن يكون سُلّمًا، لا سورًا، وأن يكون بابًا مواربًا، لا جدارًا موصَدًا. ليس حسن الظن سذاجةً كما يظنّ من عجز عن حمل قلبٍ أبيض، بل هو شجاعةُ من قرّر ألّا يُعكّر طهارته بلؤم الآخرين. هو يقينٌ بأن وراء كل فعلٍ متعثّر، نيّة قد تكون طيّبة، ضلّت طريقها. وأنّ للناس أعذارًا لا نراها، وآلامًا لا نسمعها، ومعاركَ يخفونها خلف ابتساماتهم المائلة. فيا صاحبي… إن خُيّرتَ بين أن تفسّر الكلمة على وجهين، فاختر الوجه الذي يُحيي لا الذي يُميت، الوجه الذي يُصلح لا الذي يُمزّق. واجعل في قلبك فسحةً للاحتمال… لأنّ القلوب التي تُحسن الظنّ، لا تندم، حتى وإن خُذِلت، لأنها لم تخسر نفسها. حين تُحسن الظن، فأنت لا تُنكر الشر، بل تُجاهد ألّا تزرعه في صدرك. أنت لا تُغفل السوء، لكنك تختار ألّا تقتات عليه. تتعامل مع القلوب كما تتعامل الزهور مع الغبار، تمسحه بلطف، لا لتفضح اتساخه، بل لتُظهر روعة اللون من تحته.