الحمد لله .. وبعد، كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أرق الناس أفئدة .. يحزنون ويتألمون ويمضي الدين إلى من بعدهم والثمن أشلاؤهم ودماؤهم .. ولم تقعدهم الآلام عن العمل. وهذه سنة هذا الدين= دين لا يعرف اللطميات ولا اليأس؛يحتسبون كل لحظة ألم وحزن .. ينزلون مصابهم بالله يلتمسون الأجر على الهموم والأوجاع والزلزلة، بيد أنهم لا يعرفون اليأس والقنوط ولا يسيئون بربهم الظنون. فمن علم من نفسه ضعفًا أو أقعدته قسوة الأحداث عن العمل أو أودت به الأحزان لليأس وسوء الظن بربه= فخير له أن لا يتابع وأن ينعزل عن تلك المشاهد. والذي يقرأ القرآن يعلم يقينًا أن الأمور لن تدوم بهذا الحال، وأن الفرج آت لا محالة، وأننا متعبدون لله ببذل ما نستطيع ثم نكل النتائج والمآلات إلى الله. يتألم أحدنا لعجزه وقهره وتقصيره ويبكي بكاء الثكالى اللهم نعم .. يتهم نفسه ويخشى عقوبة الخذلان اللهم نعم .. لكن نتعوذ بالله من أن نظن به ظن السوء؛ فالله لا يسلم أولياءه ولا يخذلهم مهما بدت المشاهد مؤلمة وسوداوية. في أوقات الأمة العصيبة وأزمنة الزلزلة الكبرى؛ يستحضر المسلم حقائق القرآن الكبرى وأركان الاعتقاد الراسخة في الملة، فيعلم أن العاقبة للمؤمنين وأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم.