📝 قصة كرم في زمن الخطر . -------------------------------------------------------- لمَّا أفضتْ الخِلافة إلى بني العباس .. اختفى رجالٌ من بني أُمية منهم إبراهيم بن سُليمان ، ولم يزلْ مُختفياً حتى أعطاه أبو العباس السَّفاح أماناً ، وأدناه منه لِما كانَ فيه من علمٍ وأدب ، وفي ذات يوم قالَ له السَّفاح: يا إبراهيم قد لبثْتَ زماناً مُختفياً منا ، فحدِّثني بأعجبِ شيءٍ كانَ في اختفائك! فقالَ له إبراهيم : خرجتُ إلى الكوفة متنكراً ، فلقيتُ في الطريقِ رجلاً حسن الهيئة ، وهو راكب فرساً ومعه جماعة من أصحابه. فلمَّا رآني مُرتاباً قالَ لي: ألكَ حاجة؟ قلتُ: غريبٌ خائفٌ من القتل! فقالَ لي: ادخُلْ داري! وأكرمَ ضيافتي، وأقمتُ عنده طويلاً فمَا سألني مَن أنا ، ولا ما حاجتي! وكانَ كل يوم يخرجُ صباحاً ويعودُ مساءً كالمُتأسِّفِ على شيءٍ فاته! فقلتُ له: كأنكَ تطلبُ شيئاً؟ فقال: نعم ، إبراهيم بن سُليمان قتلَ أبي ، وقد بَلَغَني أنه مُتَخَفٍّ وأنا أبحثُ عنه! فضاقتْ بي الدنيا ، وقلتُ في نفسي: قادتني قدماي إلى حتفي! ثم قلتُ له: هل أدلكَ على قاتلِ أبيك؟ فقال: أو تعرفه؟ قلتُ: نعم ، أنا إبراهيم بن سُليمان! فتغيَّرَ لونه ، واحمرَّتْ عيناه ، وسكتَ ساعة ، ثم قال: أمَّا أبي فسيلقاكَ يوم القيامة عند حاكمٍ عدل! وأمَّا أنا فلا آمن عليكَ من نفسي ، ولا أُريد أن أقتلَ ضيفي! ثم قامَ إلى صندوقٍ له ، وأخرجَ منه صرةً من الدراهم ، وقال: خُذْها ، واستَعِنْ بها على اختفائك ، فإنَّ القوم أيضاً يطلبونك! فهذا أكرم رجلٍ رأيته يا أمير المؤمنين! 📙البداية والنهاية لابن كثير 🍃📖 قصص إسلامية 📖🍃