قصص وعبر

الفتاة الألمانية التي وقفت خلفي في طابور الجوازات كانت في الرابعة عشر من عمرها. قالت لأمها و أبيها اللذان كانا معها لم أجد جواز سفري ربما أكون قد نسيته في الطائرة. سألتها الام إن كانت قد فتشت حقيبتها بشكل جيد و أجابت هي بالإيجاب ، فأشار والدها إلى ضابطة تساعد الناس في القاعة و قال لها : اذهبي و كلميها. لم اشأ ان أترك المشهد و وجدت نفسي في حوار جديد مع شخصيتي و طفولتي. تعجبت كيف أن الأم و الأب لم يوجها كلمة لوم واحدة لإبنتهما و لم يتهماها بالإهمال أو الغباء و لم يأخذا حقيبتها ليفتشاها بأنفسهما و لم يقوما بمعاتبة بعضهما كأن يقولا : كان علينا ان نحتفظ بالأوراق الرسمية بدلاً عنها. هذا الشعب الوجودي لا يوبخ الآخرين على الماضي لأن الناس يعرفون أن كلامهم لا يغير شيئاً مما حدث. تعجبت كيف أن الوالدين قد أشارا على إبنتهما أن تتكلم مع الضابطة و لم يخطر في بال أحدهما أن يذهب بدلاً عنها. هنا لا يتصور الأب أنه قادر على إيجاد حل لم يخطر ببال طفلته ، و لا الأم تتصور انه من الصحيح أن تتحمل المسؤولية بدل طفلتها ، ففي ذلك إهانة لها..ضابطة الجوازات هي الأخرى لم توبخ الفتاة بل قالت لها : سوف اتصل بطاقم الطائرة ليبحثوا عن جواز سفرك فهذا أمر مهم و جواز السفر ملك الدولة الألمانية و لا نريده أن يضيع و عليك أنت أن تعرفي أننا سنساعدك و نساندك و ليست هناك أوراقاً رسمية في العالم تمنع إنساناً من دخول بلده....أنت في وطنك ويمكنك فور خروجك من المطار إستصدار جواز سفر جديد من خلال أي مركز خلال دقائق ! لم ينته المشهد لكننا وصلنا إلى ضابط الجوازات وخرجنا قبل الفتاة و في عقلي بعض الأسئلة متى يكون لدينا هذا الهدوء والإطمئنان ؟ متى نستطيع أن نقف و نضحك مع ضابط أمن في مطار رغم أننا أضعنا أوراقنا ؟ متى تكون لكلمة أنت في وطنك هذا الإحساس العجيب بالحماية و الطمأنينة ! ..

تم النسخ
احصل عليه من Google Play