وأنتَ تستعدّ ليومٍ مهيب عظيم كيومِ عَرفـة، لا تنسَ أن يصحب هذا الاستعداد أمورٌ لا تغيب علىٰ مؤمن، أذكُرها هُنـا من باب {وذكِّر فإنَّ الذكرىٰ تنفع المؤمنين} .. (١) إن الله لا يستجيبُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاه. ربما تسردُ في ذلك اليوم دعوات بمثقالِ الجبال، لكنّك في قلبك تشعرُ بأن حاجتك في يد فلان من الناس، وتفريج كربتك عند أحد آخر، وشفاؤك بفعل الدواء! تلهجُ بالدعاء وقلبك يطوف بعيدًا، والواجب أن يكون يقينك بالإجابة أعظم من يقينك بالسؤال. (٢) استحضـر ذنوبك واستغفر الله منها، اعترف لله بتقصيرك وظلمك لنفسـك، قد يكون بينك وبين تحقيق ما تطلبُه ووقوع ما تتمنّاه، ذنبٌ ينتظر منكَ (توبة). (٣) {وابتغِ فيما آتاكَ الله الدار الآخرةَ ولا تنسَ نصيبكَ من الدُّنيا}. الكثير منا يغرق في مسائل الدُنيا، وينسىٰ أن يطلبَ لآخرته، وفي هذا يُخشىٰ على الإنسان أن يكون يقينه في المُشاهد من الدّنيا أعظم من يقينه في الغيب، فاسأل الله لآخرتك بقدر ما تسأله لدُنياك. (٤) اجعل دُعاءَك محفوفًا بالرجاءِ وحسن الظنِّ بالله، وبأنَّ الله لا يعجزهُ أن يعطيكَ مسألتك كاملة، وتذكّر الحديث القدسِيّ: لو أنَّ أوّلكم وآخِركم وإنسَكُم وجنّكم قاموا في صعيدٍ واحد فسألوني، فأعطيت كل واحدٍ منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلّا كما ينقص المخيطُ إذا أُدخل البحر. (٥) أخيرًا: من بديع كلمات ابن القيِّم -رحمه الله- قوله: الله سبحانه كلما سألته كنتَ أقرب إليه وأحب إليه ... وكلما ألْحَحْتَ عليه في الدعاء أحبَّكَ. _جلاء الأفهام/ ٣٤٤.