ولعل من أقسى ذكرياته على الاطلاق، بقاءه بجوار القبر لليلةٍ كاملة، دون بكاء، ومن غير أن يفكر حتى في احتمالية أن يغادر المقبرة وحيداً من دونه، كان ينتظره أن يفيق، وأن يصرخ من قبره مستنكراً تركهم له في مثل هذا المكان الموحش، وما انفك يحكي عن قصص اعتادا نقاشها، وعن شتائم كان يتبادلانها باستمرار.. ويضحك ملئ صوته على النكات التي يلقيها وحيداً، والتي لم يخطر على باله أن أحداً لا يسمعها في ذلك الحين، وفجأة بكى.. بكى حقاً.. وانسكبت على خدوده دموعٌ حارقة لم يتجرأ حتى على مسحها، وجرجر نفسه على الطريق إلى اللاحياة، فالحياة قد غادرته ذلك اليوم، وإلى الأبد. ~ زيد العريقي
تم النسخ