لماذا لا يلتقي الرائعون في بداية العمر أبدًا.. ربما لأن الروعة لا تُصنع في الطرق الممهدة، بل تُنحت في الأرواح التي ذاقت العتمة، ثم خرجت منها وهي تحمل ضوءها الخاص. الرائعون لا يُخلقون من النعيم، بل من التجارب التي صقلت قلوبهم، وعلمتهم كيف يحبون دون أذى، ويفهمون دون حكم، ويحنون دون ضعف، ويمنحون دون تنازل. وحين يلتقي هؤلاء، بعد كل ما مروا به، لا يكون اللقاء صدفة، بل نتيجة نضوجٍ طويلٍ، كأن القدر ينتظر اللحظة التي يصبح فيها كل منهما قادرًا على أن يرى الآخر بصدق، دون أن يطالبه بشيء! كأنه اعتراف جميل متأخر بحتمية وجود من يشبهك في زاويةٍ أخرى من هذا الكون. لذلك يتأخر اللقاء، لا لشيء، إلا لأن المشيئة تجمع الأرواح العظيمة عندما تكتمل استعداداتها للقاءٍ لا يُفسده جهل، ولا تقهره ظروف، أو تقتله الجراحات القديمة. محمد الدسوقي