قد يتعلق قلب الإنسان بشيء ما، ويتمسك به بكل جوارحه، يراه الخير كله، ويظن أن سعادته فيه حتمًا، ويسأل الله ويرجوه أن يكتبه له، ويجعله من نصيبه، فإذ به يُصرف عنه، ويباعد منه، ولا يكون له فيه نصيب؛ فيظن أن الله حرمه مما يحب، ومنع عنه ما يرجو، ولا يدرك - بعقله القاصر - الحكمة من ذلك، يسيء الظن بربه ولا يعلم أنه سبحانه بلطفه الذي لا يُدرَك، وحكمته التي لا تُجارى، يمنعه ليمنحه، ويحرمه ليحميه، لا يفهم العبد ذلك إلا مع مرور الأيام، حين تنجلي الغشاوة، وتنكشف الأقدار، فيرى كم كان ذلك المنع عين الرحمة، وكم كان الحرمان مفتاحًا لبابٍ أعظم مما تمنى، فإياك والمسارعة بالسخط - عافاك الله - إن أُغلِق بابٌ كنت تراه كل الحياة وما كان إلا هلاكك وأنت لا تدري، فنجاك الله برحمته وأراد أن يفتح لك بابًا خيرًا مما أغلق فاصبر ولا تعجل وأحسن الظن بربك.