لم أكن الأذكى: للأسف لم أكن الأذكى في الجامعة، ولم تسرِ أحاديث الناس حول علاماتي التسعينية وما فوق.. للأسف كان مجهودي لا يتناسب أبداً مع تحصيلي، جميع ما أبذله و أكابده من قلةٍ في النوم و وهنٍ في الجسد كان ينتهي بعلامة ستينية سبعينية لا ترضي عقلي المتعطش لمعدلٍ خارق أكتسح به عتبة مخيلتي و أشعر به بانتصارٍ عظيمٍ على ذاتي.. لطالما كان هاجسي و محطّ تفكيري طوال فترة دراستي هو أنني لا أملك ما يميّزني، أو ما أستطيع أن أستخدمه كذريعةٍ لأواسي بها نفسي و أخفف عن عقلي ثقل الانفعال في كل مرةٍ أتلقى بها خبر علامةٍ ما.. ستّ سنواتٍ عجاف، مُثقَلين بكثيرٍ من اللارضى واللاتميز، مُثقلين بتفكيرٍ سلبيّ لطالما كان يدفعني لأطرح على نفسي السؤال التالي: أحقاً أنا أنتمي لهذا المجال؟ أم أنّ القدر قد ساق بي إلى طريقٍ موحشٍ مقفرٍ لا ينتهي بنور. وكان هذا التساؤل بيني و بين نفسي ينتهي بقرارٍ جنونيّ يدفعني أن أترك ما أدرسه و أحوّل لشيء آخر أجد ذاتي به. لطالما أحسست بفشلي في دراسة تلك المواد العظيمة من تشريحٍ و علم أنسجة وما إلى ذلك من علوم كادت تفقدني صوابي، وتودي بصحتي.. لطالما أحسست أن ما أعيشه هو أساس اختيارٍ مغلوط من قبلي سأدفع ثمنه ما حييت.. تخرجت من هذه الجامعة العتيدة بمعدّل سبعينيّ بسيط لا يسرّ الناظرين أبداً، مما زاد من إحباطي و عدم إيماني بما أُكنّه من قدرات. أما الآن فأنا رئيس قسم أورام الأطفال في مستشفى كليفلاند الأميريكية فضلاً عن كوني أستاذ في جامعتها! وبعد مسيرة سنوات طويلة من الكتابة اللاهادفة..سيُنشَر باسمي أول كتاب أدبيّ حصيلةً لما مررت به من مطبّات و انتهاءً بالمقولة التالية..ستكون يوماً ما، ما تريد. جميعنا سنكون.